خيارات المستهلك: في الاردن سعر الشراء يتفوق على الكلفة التشغيلية

منذ سنتين


قلما تجد مستهلكا يواجه خيارات صعبة كالمستهلك الأردني فيما يتعلق بشراء السيارات، فالمعادلة الضريبية الجمركية التي تعتبر الأيرادات المستوفاة من السيارات المستوردة سنويا من البنود الهامة من ايرادات الخزينة، وتجعل الأردن ضمن أعلى خمس بلدان عالميا فيما يتعلق بأسعار السيارات المستوردة.


ولكن السؤال الذي يجب طرحه، هل يدرك المستهلك مصلحته، وهل يختار فعلا ما يناسبه من سيارات بناءً على دراسة وبحث، المراقب الخبير لواقع السوق يجد غير ذك، فالسوق فعليا يتفاعل مع السيارات التي تتناسب أسعارها مع امكانيات المستهلك المادية، وهو ما يفسر أن شكلت سابقا السيارات الهجينة والسيارات الشاحنة الأميركية والسيارات المستفيدة من الاعفاءات الجمركية بأنواعها وحاليا السيارات الكهربائية التي تتصدر المشهد حاليا.


فقبل عدة سنوات كان المستهلك الأردني مستعدا لشراء شاحنة اميركية بمحرك ثمان سلندر فقط لكونها ضمن امكانياته السعرية، وقد لا يعبأ بكونها لا تتناسب مع شوارعنا الضيقة وتستهلك كميات كبيرة من الوقود يوميا قد تكفي سيارة اسيوية صغيرة اسبوعا كاملاً، وهو ما ندم عليه الكثيرون منهم لاحقاً بعد فوات الأوان. والآن يقبل الناس بشكل مماثل على السيارات الكهربائية المستعملة والجديدة لنفس الأسباب أضف إليها الارتفاع المتصاعد لأسعار البنزين والذي جعل من السيارات الكهربائية ملاذا للباحثين عن خفض النفقات المتعلقة بالوقود.


يغيب عن مستهلكنا الأردني بشكل عام مفهومtotal cost of ownership    أو الكلفة الاجمالية للامتلاك، وهو مبدأ يستخدمه المشترون الواعون للسيارات في العالم المتحضر، سواء كأفراد أو كمشغلي اساطيل، ويعتمد هذا المفهوم على حسبة مفصلة  يشكل سعر الشراء وتكاليف التمويل جزء منها، وتشكل كلف تشغيل السيارة أو المركبة خلال عمرها التشغيلي المفترض جزءا مهما منها، وهي تشمل تكاليف الوقود والصيانة الدورية والمستهلكات وتكلفة القطع وأجور الصيانة إلخ.. وقد يتضح من خلال التطبيق الجيد لهذه الطريقة أن السيارة الأقل كلفة اجمالية ليست بالضرورة هي الأرخص ثمنا، فقد تشكل الكلفة المخفية وغير المحسوبة والمتعلقة بالجودة والاعتمادية التي قد تتفوق فيها السيارات الأعلى ثمنا على السيارات الأرخص، وبذلك تكون أكثر توفيرا في المحصلة الإجمالية.


الخلاصة هي نصيحة للمستهلك بضرورة اتباع السلوك الاستهلاكي الرشيد، الذي يتطلب تانياً ودراسة مستفيضة لعدة جوانب قبل القيام باختيار سيارة لشرائها، ودراية بأهمية الصيانة الدورية ودورها الأساسي في إطالة العمر التشغيلي لمكونات السيارة، وبالتالي تقليل الأعطال وبالتأكيد تخفيض النفقات على المدى الطويل، وبالمحصلة رفع قيمة إعادة البيع، مما يجعل الاستثمار في السيارة صفقة مربحة وليست خسارة محققة، بقليل من التخطيط والدراسة.